إحسان طالب
2008 / 2 / 13
شاعت مقولة سلبية سيطرت بصورة غامضة على أجواء التفكير العربي وألزمته الجمود وحدت من توقه نحو الايجابية و إنتاج الإبداع (( ما ترك الأول للأخر شيئا ))هكذا سد أفق البحث وأغلقت أبواب الاجتهاد وصار منتهى الإبداع هو الإتباع و التقليد .
إن أول محفزات التفكير الايجابي الخلاق هي الرغبة الداخلية في الخلق و الإبداع و الإتيان بجديد ولا تتولد تلك الرغبة إلا من خلال الثقة الذاتية بالنفس و الإقرار بوجود أمر يحتاج لحل أو قضية مازالت عالقة لم يقدم لها الآخرون القدر الكافي واللازم من الطرح والمعالجة. بالمستوى الشخصي و المجتمعي على حد سواء .
عندما نقول بأن الأولين سبقونا في كل شيء وما ترك السلف للخلف شيئا،يرتد ذلك سلبا وقيدا يثقل التفكير ويقعده عن البحث والتطلع المبدع الخلاق ،ولا يفهم من معارضتنا لتلك المقولة الشائعة الضرب عرض الحائط بالمنتج الموروث و الإعراض عنه بل هي دعوة للاستفادة منه و الاتكاء عليه و الانطلاق نحو آفاق التجديد و الابتداع .فالثقة المطلقة بالأسلاف تبعث على زيادة الثقة بالنفس وهي أولى عوامل التفكير الإيجابي إلا أنها تتحول إلى عامل مرضي معيق و مكبل حالما تتجاوز الفخر و الاعتزاز إلى القناعة و التصديق بوصول السلف لكل الحلول و الأطروحات المناسبة للحاضر و الماضي و المستجد مستقبلا .والخوف الأساس هنا هو تحول القناعة بالمطلق بالماضي إلى وهم كبير يغلف التفكير ويحرفه نحو الاستكانة والخنوع بدعوى اللاجدوى المنبثقة من التعظيم والإجلال اللامتناهي بالمبحوث والمدروس في مضارب الأقدمين والسالفين .
الوهم بامتلاك الحقيقة المطلقة و العلم الكامل والمعرفة الكلانية هو العدو الأولي للتفكير الايجابي و الإبداع ، حيث ينزلق حامل ذلك الوهم نحو الإحباط والاكتئاب بسبب التناقض بين القناعة الداخلية بمشروعية وصوابي وكمال ما نقله الأسلاف وبين الحاضر المثقل بأزمات وإشكالات فردية شخصية ومجتمعية ووطنية لا تساعد الأفكار المعلبة على تجاوزها و النهوض من براثنها ، فيغرق الوجدان بالتشاؤم و العجز اللذان هما أهم معوقات التفكير الإيجابي .
وعلى العكس تماما يشكل النزوع الفعال لإشغال الفكر وتحريضه وتحفيزه للتوق نحو التفاؤل والثقة بالقدرة على الإضافة والتجديد حافزا عقلانيا ونفسيا نحو الاستفادة من المهارات و الإمكانات الفردية و المجتمعية المتاحة .
الآلية التي تعمل بها الشمولية :
أسس الغربيون علوما واستحدثوا معارف مبتكرة ومتجددة انطلاقا من أمرين الأول الحاجة والرغبة في الابتكار و التجديد و الثاني الثقة والقناعة بالقدرة على ذلك ،ومن تلك العلوم علم التفاؤل : Learned Optimismويعد الدكتور مارتن سيليجمان : Martin Seligman من جامعة بنسلفانيا الأمريكية رائد من رواد علم النفس الايجابي ،يتحدث في كتابه التفاؤل المكتسب : Learned Optimism: How to Change Your Mind and Your Life (Paperback)
(ثلاثة أنماط من القناعات التي تجعلنا نشعر بالعجز وقد تدمر جانبا من جوانب حياتنا وهو يسمي هذه الأنماط الثلاثة :ـ 1ـ الديمومة
ـ 2 ـ الشمول
ـ 3 ـ السمات الشخصية ) "1 "
كذلك نورمان فينست بيل ألف عدة كتب :التفكير الإيجابي
النتائج المذهلة للتفكير الإيجابي
كن نشطا طول حياتك
توني هامفير :قوة التفكير السلبي
هارلود شيرمان : التفكير الإيجابي الخلاق
إذا قدمنا تلك مراجع الهامة في موضوعنا يأتي الرد الكلاني الشمولي فيقول ليس هناك جديد لقد جاء في الأثر :تفاءلوا بالخير تجدوه
ولقد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن الطيرة ( التشاؤم )
وكفى الله المؤمنين شر القتال . هكذا بكل بساطة تختزل علوم و معارف بنص مجتزئ و نقل محدود ، طريقة التفكير تلك عائدة للوهم بامتلاك العلوم و الحقائق على وجه كامل لا تفتح أفقا للبحث و المعرفة بل تشكل عاملا قويا للتثبيط و الإحباط للتفكير الايجابي في مستوياته الذاتية و الاجتماعية . أما عندما نأخذ تلك النصوص و النقول كمضيئات بل ومحفزات للبحث و التجديد نضع أنفسنا على الطريق الصحيح
هامش :انتوني روبنز:قوة الإبتكار و الإبداع وقوة التدم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق