الأصولية الأمنية والتهم الجاهزة
مذكرة دفاع عن حازم نهار
في حقبة الثمانينيات شاع في الأوساط الشعبية السورية مصطلح (إخونجي) وكان يعني في ذلك الوقت التعصب والتطرف أو الانتساب إلى جماعة الإخوان المسلمين وكان مجرد ذكر هذه التهمة يدعو للذعر والرعب لما ساد تلك الفترة من العنف والرهاب المتبادل بين جماعة الإخوان والسلطة. وكانت عامة الناس تخشى بل وتتحاشى أي حديث حول الإخوان ذماً أو مدحاً خشية من كتاب التقارير والتهمة الجاهزة التي تخرب البيت، وكان يكفي أن تحمل في دليل هاتفك رقماً لأحد المحسوبين على جماعة الإخوان لتكون حجة تستند عليها لائحة الاتهام الذي لا تعرف نهاية له أو حجم الأذى والضرر الناجم عنه.
مضى ربع قرن منذ ذلك الوقت وتغيرت الأحوال وأخذنا نسمع من وزراء وسفراء وأمناء لأحزاب في جبهة السلطة الدعوة للحوار مع التيار الديني ومن بينهم الإخوان وأخذ كتاب المعارضة المتواصلين مع ضباط الارتباط يذكرون الإخوان صراحة في مقالاتهم حتى وأنهم يكيلون المديح لهم للتغيير الذي طرأ على أفكارهم ومناهجهم.
كل ذلك أعطى انطباعاً عاماً - قد يكون خطئا –بأن الحكومة السورية باتت جاهزة ثقافياً على الأقل للتحاور مع الإخوان مما شجع أطرافاً أخرى في المعارضة إلى الدعوة للحوار مع الإخوان المسلمين كما جاء في بيان للجان المجتمع المدني.
لكن حساب السرايا لم يلتقي مع حساب الكرايا ففجأة وبدون سابق إنذار تم اعتقال كل أعضاء مجلس إدارة منتدى الأتاسي، المنبر الوحيد الذي يشكل أنموذجاً حضارياً حقيقياً لمظاهر الوحدة الوطنية حيث تجتمع السلطة مع المعارضة مع الأمن تحت سقف واحد والكل يدلي بدلوه بصراحة وجرأة لم يسبق لنا أن عهدناها في بلدنا بهذه الطريقة العلنية وجدير بالذكر هنا أن السيد الرئيس قد أشار في إحدى لقاءاته الصحفية إلى هذا المنبر واعتبره أحد مظاهر حرية الرأي في بلدنا، وكان ذلك بمثابة شهادة حسن سلوك واعتراف بهذا المنتدى وقيمته الديمقراطية.
وجاءت الأخبار لتبين التهمة الموجهة إلى المعتقلين، إنها نفس التهمة الجاهزة المعلبة منذ ربع قرن والتي كانت على الشكل التالي الترويج لأفكار الإخوان المسلمين. وللحقيقة فقط فإن كل التيارات المعارضة في سورية تبنت النهج العلماني الذي لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع الفكر الإخواني المحدث والمطور، وحرصاً من أطياف المعارضة السورية على الوحدة الوطنية والاستماع إلى كافة وجهات النظر أعطى منتدى الأتاسي الفرصة لطرح رؤية الإخوان. وكان ذلك استجابة للإشارات والمطمئنات التي ملأت الجو العام.
وكانت شجاعة ومصداقية أعضاء مجلس إدارة المنتدى وراء تحمل المسؤولية كاملة عن تلاوة بيان الإخوان وعدم تحميل فرد واحد المسؤولية، مما تسبب باعتقال الجميع الذين يعدون من الشخصيات الثقافية المعتدلة والمؤثرة في الفضاء الثقافي والسياسي السوري، وللأمانة نقول إن منتدى الأتاسي أحد أعمدة العمل الوطني صمام أمان يكفل استقرار البلد ويدعم استقلاله وقد يكون هناك من يخالفنا الرأي وليس في ذلك مشكلة المهم أن يكون الجميع مستعد لقبول الرأي لآخر.
الدكتور حازم نهار أحد أعضاء مجلس إدارة المنتدى وهو من الشباب السوريين الفاعلين والمتحمسين للعمل من أجل بلدهم والمستعدين دائماً لبذل الجهد الوقت من أجل الدفاع عن البلد ووحدته الوطنية واستقرار واستقلال الوطن. ويتميز أسلوبه في الكتابة والكلام بالهدوء والمنهجية الأكاديمية التي تجعل الأمانة للحقيقة أساساً واعتباراً للكتابة والعمل.
وهو كطبيب ناجح في عمله – رئيس لمندوبي شركة خاصة ومبرمج كمبيوتر- حظي باحترام وتقدير العاملين معه واكتسب صداقات واسعة داخل وخارج العمل. حازم نهار ككاتب يحظى بتقدير عال بين القراء ومتابعة جيدة من المثقفين السوريين لموضوعيته وحرصه الدائم على تقديم الجديد والإضافة في كل مقالة ينشرها ويكتبها، كل ذلك جعله في دائرة الضوء ومركز الاهتمام. وحازم في أحاديثه الخاصة والعامة لا يلقي الكلام جذافاً ولم يصدر عنه ما يشير إلى التأييد أو الترويج لفكر الإخوان. إلا أن استماع وجهات نظر الجميع ضرورة وطنية وحاجة ثقافية لا بد منها في مجال العمل الثقافي والسياسي السلمي والعلني.
لقد أثبتت التجارب المحلية والعالمية أن الاعتقاد ليس هو الأسلوب الأمثل لتغيير الآراء وإنهاء المعارضة بل على العكس تماماً فإن الضغط لا يولد إلا الانفجار والعديد العديد من الذين أمضوا أكثر من عشرة سنين في المعتقلات ما زالوا ضمن صفوف المعارضة وأكثر استعداداً من أجل التضحية في سبيل ما يرونه خيراً لبلدهم وأهلهم. إن استخدام السوط في مواجهة الكلمة أمر بعيد عن نهج التغيير والإصلاح المنشود والمأمول لذلك نرجو مراجعة أوامر الاعتقال الصادرة بحق مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي والإفراج عنهم جميعاً إلى جانب إطلاق سراح كل معتقلي الرأي في سوريا كبادرة حسن نية ودلال واضحة قبل مؤتمر البعث على الرغبة الصادقة في التغيير والإصلاح.
إنني أدعو كل المراقبين للمعارضة إلى التحدث بالعلن عما يريدون وعما لا يريدون وكما أن المعارضة نهجت أسلوب العلنية والسلم ينبغي على السلطة كذلك السير في أسلوب اللاعنف والعلن والكف عن مواجهة الاعتصامات السلمية بالضرب وشق الملابس. وإلغاء قاعدة مجابهة اللسان بالمقص.
إن سوء النية المبيت والأحكام المسبقة والتقييم المعلب من قبل المراقبين للمعارضة والوضع العام هي أهم الأسباب التي تولد الخوف والذعر غير المبرر الذي يتحرك نحو الاعتقال وكبت حرية الرأي. كان ينبغي على الأجهزة الإعلان صراحة عن عدم نيتها التحاور مع الإخوان بدل التغرير بالناس واتخاذ الذرائع الواهية لمصادرة حرياتهم.
إن الفكرة الرئيسة في الثقافة والسياسة والتي تجعل لهاتين القيمتين بعداً إنسانياً وحضارياً : الاختلاف وقبول الاختلاف .
وللأسف أننا إلى الآن لم نصل إلى الاعتراف بوجود الرأي الآخر والشخص الذي يحمل فكراً غير الذي نؤمن به ونعتقده إما أن يكون خائناً أو جاهلاً. وربما كان غياب الآراء المتعددة والفكر المختلف أحد الأسباب الهامة في غياب الثقافة والسياسة عن مجتمعنا والذي أدى بدوره إلى التخلف والفساد والاستبداد.
إنني بصراحة مطلقة أتعجب وأستغرب من الخوف الشديد من الأفكار والآراء التي تعرض وتتبنى غير الذي تعارفنا عليه. في معظم دول العالم الثالث هناك حرية رأي أكثر من بلدنا وحتى في بعض البلدان العربية لتي فيها انفراد بالسلطة هناك تعددية وصحافة حرة أكثر مما لدينا، ولم يؤثر ذلك على استقرار النظام واستمراره. لماذا هذا الخوف الشديد من كل صاحب رأي أو مفكر، الفساد موجود في كل دول العالم ويتطور ويتحدث لكي يتمكن من الهروب من سلطة القانون ورقابة الشعب عبر مؤسساته المنتخبة وفي الغالبية الساحقة من دول العالم توجد معارضة قوية تساهم وتساعد السلطة والنظام القائم على الاستقرار ومجابهة الأخطار وتضمن التفاف الناس حول وطنهم ومصالح أبنائهم.
لقد علمنا التاريخ المعاصر والقريب جداً من بلدنا أن القبضة الأمنية ومصادرة الرأي واعتقال الفكر لن يؤدي إلى دعم وتقوية واستقرار النظام بل على العكس تماماً. ولست أطرح هذا الكلام دفاعاً عن السلطة أو وقوفاً في وجه التغيير والإصلاح إنما هي محاولة لشرح الضرورة الحيوية لكل الأنظمة والبلدان في كافة أنحاء العالم بوجود المعارضة والرأي الآخر.
إن الأصولية الأمنية التي تربت وترعرعت على التزمت الفكري والانغلاق الثقافي إلى جانب الانتهازية في التعامل مع الواقع هي التي تساهم بإحباط كل نداءات الإصلاح و كتم كل أنفاس الحرية ودعوات الوحدة الوطنية.
إن المصلحة العليا للوطن والمواطنين تقتضي وجود معارضة قوية وفعالة يكون لها القدرة على التأثير والفعل للوقوف في وجه الفساد والاستبداد وضمان التفاف الشعب حول قيمه ومبادئه التي تمنح الوطن قيمة إنسانية عظمى وتعطي الأفراد حق الحرية والعيش بكرامة.
مذكرة دفاع عن حازم نهار
في حقبة الثمانينيات شاع في الأوساط الشعبية السورية مصطلح (إخونجي) وكان يعني في ذلك الوقت التعصب والتطرف أو الانتساب إلى جماعة الإخوان المسلمين وكان مجرد ذكر هذه التهمة يدعو للذعر والرعب لما ساد تلك الفترة من العنف والرهاب المتبادل بين جماعة الإخوان والسلطة. وكانت عامة الناس تخشى بل وتتحاشى أي حديث حول الإخوان ذماً أو مدحاً خشية من كتاب التقارير والتهمة الجاهزة التي تخرب البيت، وكان يكفي أن تحمل في دليل هاتفك رقماً لأحد المحسوبين على جماعة الإخوان لتكون حجة تستند عليها لائحة الاتهام الذي لا تعرف نهاية له أو حجم الأذى والضرر الناجم عنه.
مضى ربع قرن منذ ذلك الوقت وتغيرت الأحوال وأخذنا نسمع من وزراء وسفراء وأمناء لأحزاب في جبهة السلطة الدعوة للحوار مع التيار الديني ومن بينهم الإخوان وأخذ كتاب المعارضة المتواصلين مع ضباط الارتباط يذكرون الإخوان صراحة في مقالاتهم حتى وأنهم يكيلون المديح لهم للتغيير الذي طرأ على أفكارهم ومناهجهم.
كل ذلك أعطى انطباعاً عاماً - قد يكون خطئا –بأن الحكومة السورية باتت جاهزة ثقافياً على الأقل للتحاور مع الإخوان مما شجع أطرافاً أخرى في المعارضة إلى الدعوة للحوار مع الإخوان المسلمين كما جاء في بيان للجان المجتمع المدني.
لكن حساب السرايا لم يلتقي مع حساب الكرايا ففجأة وبدون سابق إنذار تم اعتقال كل أعضاء مجلس إدارة منتدى الأتاسي، المنبر الوحيد الذي يشكل أنموذجاً حضارياً حقيقياً لمظاهر الوحدة الوطنية حيث تجتمع السلطة مع المعارضة مع الأمن تحت سقف واحد والكل يدلي بدلوه بصراحة وجرأة لم يسبق لنا أن عهدناها في بلدنا بهذه الطريقة العلنية وجدير بالذكر هنا أن السيد الرئيس قد أشار في إحدى لقاءاته الصحفية إلى هذا المنبر واعتبره أحد مظاهر حرية الرأي في بلدنا، وكان ذلك بمثابة شهادة حسن سلوك واعتراف بهذا المنتدى وقيمته الديمقراطية.
وجاءت الأخبار لتبين التهمة الموجهة إلى المعتقلين، إنها نفس التهمة الجاهزة المعلبة منذ ربع قرن والتي كانت على الشكل التالي الترويج لأفكار الإخوان المسلمين. وللحقيقة فقط فإن كل التيارات المعارضة في سورية تبنت النهج العلماني الذي لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع الفكر الإخواني المحدث والمطور، وحرصاً من أطياف المعارضة السورية على الوحدة الوطنية والاستماع إلى كافة وجهات النظر أعطى منتدى الأتاسي الفرصة لطرح رؤية الإخوان. وكان ذلك استجابة للإشارات والمطمئنات التي ملأت الجو العام.
وكانت شجاعة ومصداقية أعضاء مجلس إدارة المنتدى وراء تحمل المسؤولية كاملة عن تلاوة بيان الإخوان وعدم تحميل فرد واحد المسؤولية، مما تسبب باعتقال الجميع الذين يعدون من الشخصيات الثقافية المعتدلة والمؤثرة في الفضاء الثقافي والسياسي السوري، وللأمانة نقول إن منتدى الأتاسي أحد أعمدة العمل الوطني صمام أمان يكفل استقرار البلد ويدعم استقلاله وقد يكون هناك من يخالفنا الرأي وليس في ذلك مشكلة المهم أن يكون الجميع مستعد لقبول الرأي لآخر.
الدكتور حازم نهار أحد أعضاء مجلس إدارة المنتدى وهو من الشباب السوريين الفاعلين والمتحمسين للعمل من أجل بلدهم والمستعدين دائماً لبذل الجهد الوقت من أجل الدفاع عن البلد ووحدته الوطنية واستقرار واستقلال الوطن. ويتميز أسلوبه في الكتابة والكلام بالهدوء والمنهجية الأكاديمية التي تجعل الأمانة للحقيقة أساساً واعتباراً للكتابة والعمل.
وهو كطبيب ناجح في عمله – رئيس لمندوبي شركة خاصة ومبرمج كمبيوتر- حظي باحترام وتقدير العاملين معه واكتسب صداقات واسعة داخل وخارج العمل. حازم نهار ككاتب يحظى بتقدير عال بين القراء ومتابعة جيدة من المثقفين السوريين لموضوعيته وحرصه الدائم على تقديم الجديد والإضافة في كل مقالة ينشرها ويكتبها، كل ذلك جعله في دائرة الضوء ومركز الاهتمام. وحازم في أحاديثه الخاصة والعامة لا يلقي الكلام جذافاً ولم يصدر عنه ما يشير إلى التأييد أو الترويج لفكر الإخوان. إلا أن استماع وجهات نظر الجميع ضرورة وطنية وحاجة ثقافية لا بد منها في مجال العمل الثقافي والسياسي السلمي والعلني.
لقد أثبتت التجارب المحلية والعالمية أن الاعتقاد ليس هو الأسلوب الأمثل لتغيير الآراء وإنهاء المعارضة بل على العكس تماماً فإن الضغط لا يولد إلا الانفجار والعديد العديد من الذين أمضوا أكثر من عشرة سنين في المعتقلات ما زالوا ضمن صفوف المعارضة وأكثر استعداداً من أجل التضحية في سبيل ما يرونه خيراً لبلدهم وأهلهم. إن استخدام السوط في مواجهة الكلمة أمر بعيد عن نهج التغيير والإصلاح المنشود والمأمول لذلك نرجو مراجعة أوامر الاعتقال الصادرة بحق مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي والإفراج عنهم جميعاً إلى جانب إطلاق سراح كل معتقلي الرأي في سوريا كبادرة حسن نية ودلال واضحة قبل مؤتمر البعث على الرغبة الصادقة في التغيير والإصلاح.
إنني أدعو كل المراقبين للمعارضة إلى التحدث بالعلن عما يريدون وعما لا يريدون وكما أن المعارضة نهجت أسلوب العلنية والسلم ينبغي على السلطة كذلك السير في أسلوب اللاعنف والعلن والكف عن مواجهة الاعتصامات السلمية بالضرب وشق الملابس. وإلغاء قاعدة مجابهة اللسان بالمقص.
إن سوء النية المبيت والأحكام المسبقة والتقييم المعلب من قبل المراقبين للمعارضة والوضع العام هي أهم الأسباب التي تولد الخوف والذعر غير المبرر الذي يتحرك نحو الاعتقال وكبت حرية الرأي. كان ينبغي على الأجهزة الإعلان صراحة عن عدم نيتها التحاور مع الإخوان بدل التغرير بالناس واتخاذ الذرائع الواهية لمصادرة حرياتهم.
إن الفكرة الرئيسة في الثقافة والسياسة والتي تجعل لهاتين القيمتين بعداً إنسانياً وحضارياً : الاختلاف وقبول الاختلاف .
وللأسف أننا إلى الآن لم نصل إلى الاعتراف بوجود الرأي الآخر والشخص الذي يحمل فكراً غير الذي نؤمن به ونعتقده إما أن يكون خائناً أو جاهلاً. وربما كان غياب الآراء المتعددة والفكر المختلف أحد الأسباب الهامة في غياب الثقافة والسياسة عن مجتمعنا والذي أدى بدوره إلى التخلف والفساد والاستبداد.
إنني بصراحة مطلقة أتعجب وأستغرب من الخوف الشديد من الأفكار والآراء التي تعرض وتتبنى غير الذي تعارفنا عليه. في معظم دول العالم الثالث هناك حرية رأي أكثر من بلدنا وحتى في بعض البلدان العربية لتي فيها انفراد بالسلطة هناك تعددية وصحافة حرة أكثر مما لدينا، ولم يؤثر ذلك على استقرار النظام واستمراره. لماذا هذا الخوف الشديد من كل صاحب رأي أو مفكر، الفساد موجود في كل دول العالم ويتطور ويتحدث لكي يتمكن من الهروب من سلطة القانون ورقابة الشعب عبر مؤسساته المنتخبة وفي الغالبية الساحقة من دول العالم توجد معارضة قوية تساهم وتساعد السلطة والنظام القائم على الاستقرار ومجابهة الأخطار وتضمن التفاف الناس حول وطنهم ومصالح أبنائهم.
لقد علمنا التاريخ المعاصر والقريب جداً من بلدنا أن القبضة الأمنية ومصادرة الرأي واعتقال الفكر لن يؤدي إلى دعم وتقوية واستقرار النظام بل على العكس تماماً. ولست أطرح هذا الكلام دفاعاً عن السلطة أو وقوفاً في وجه التغيير والإصلاح إنما هي محاولة لشرح الضرورة الحيوية لكل الأنظمة والبلدان في كافة أنحاء العالم بوجود المعارضة والرأي الآخر.
إن الأصولية الأمنية التي تربت وترعرعت على التزمت الفكري والانغلاق الثقافي إلى جانب الانتهازية في التعامل مع الواقع هي التي تساهم بإحباط كل نداءات الإصلاح و كتم كل أنفاس الحرية ودعوات الوحدة الوطنية.
إن المصلحة العليا للوطن والمواطنين تقتضي وجود معارضة قوية وفعالة يكون لها القدرة على التأثير والفعل للوقوف في وجه الفساد والاستبداد وضمان التفاف الشعب حول قيمه ومبادئه التي تمنح الوطن قيمة إنسانية عظمى وتعطي الأفراد حق الحرية والعيش بكرامة.